الوصول الى الحقيقة

أين المرتبات؟؟

وجه اليمن –

بقلم الأستاذ: محمد البخيتي

سؤال كثيرا ما يتردد على ألسنة الناس وفي تعليقاتهم, وطرح السؤال بهذا الشكل غالبا ما ينم عن سوء نية أو على الأقل يعبر عن انعدام الشعور بالمسئولية. لأن السؤال الصحيح الذي ينبغي طرحه والتحرك بموجبه هو: 

أي طرف من طرفي الصراع يتحمل مسئولية قطع المرتبات ويتحمل حالة التدهور الاقتصادي؟ 

من الطبيعي أن يسعى كل طرف لتبرئة نفسه و إلقاء اللوم على الطرف الآخر ومن هنا تبدأ مسئولية الشعب في التحقق من هوية الطرف المتسبب في قطع الرواتب من أجل التحرك ضده ليس بالكلمة فقط وإنما بالسلاح لأن تعمد استهداف المواطنين في لقمة عيشهم هي قضية حياة أو موت. 

الآن سأتحدث كطرف في الصراع وسأبدأ التقييم من خلال ما هو معروف للجميع بعد ذلك انتقل لعرض بعض الحقائق التي لا زال الكثير من الناس يجهلها.  

لقد وفينا بدعم أسعار المواد الغذائية وتسديد النفقات التشغيلية ودفع مرتبات كل الموظفين والعسكريين في كل المحافظات على مدى سنة ونصف منذ بداية العدوان حتى لأولئك الذين يقاتلوننا في الجبهات بمن فيهم موظفي وحراسة هادي في قصر المعاشيق رغم أن إيرادات النفظ والغاز والجمارك كانت تذهب لحكومة الفنادق. 

ولم يثنينا نهب فروع البنك المركزي في سيئون والمكلا وعدن وغيرها من المدن, ولا الشروط والعراقيل التي كانت تضعها القاعدة وحكومة الفنادق أمام الحركة المالية من صنعاء إلى المحافظات الجنوبية عن التخلي عن مسئولياتنا الأخلاقية. 

حيث تم منع وصول طائرة المرتبات إلى حضرموت 8 مرات وإلى عدن 13 مرة فضلا عن العراقيل التي كانت تواجهه الحركة البرية لنقل المرتبات إلى بقية المدن والمديريات وتعرضها للنهب أحيانا. 

ويعرف الجميع قصة آخر طائرة انطلقت من صنعاء لنقل المرتبات حيث تم منعها من الهبوط في عدن وأجبرت على الهبوط في جيبوتي وحجزت هناك اكثر من شهر. 

تخيلوا المشهد ونحن في حالة حرب مفروضة لا نعرف متى تنتهي ونشاهد المخزون النقدي للبنك المركزي في صنعاء يقارب على النفاذ ومع ذلك كنا نستجدي تنظيم القاعدة وحكومة الفنادق حتى آخر لحظة ليتيحوا لنا المجال لإيصال آخر دفعة من المرتبات والنفقات التشغيلية إلى المناطق التي تحت سيطرتهم. وبعد نفاذ المخزون النقدي للبنك المركزي في صنعاء ونقل صلاحية التحكم في أرصدته الخارجية لعدن قمنا بحملة لجمع التبرعات للبنك المركزي وسلمنا نصف مرتب ولم نستثني منه المحافظات الخارجة عن سيطرتنا ولا الذين كانوا يقاتلوننا في الجبهات.

أثناء ذلك كنا نتعرض للنقد ونتهم بأننا لا نتصرف بشكل عقلاني ونصحنا البعض بوقف تسليم المرتبات في المحافظات الخارجة عن سيطرتنا حتى يلتزم الطرف الآخر بتسليم كل الإيرادات وبقطع مرتبات العسكريين الذين يقاتلوننا في الجبهات أو العسكريين الذي يرفضون المشاركة في التصدي للعدوان ولكننا لم نأخذ بتلك المقترحات. قد يكون تصرفنا غير عقلاني بمقاييس البعض ولكنه بالتأكيد كان تصرفا أخلاقيا لأننا اعتبرنا المرتب حقا وليس فضلا كونه وسيلة للبقاء على قيد الحياة ولحفظ الكرامة وأن علينا إيصال هذا الحق حتى لمن كانوا يقاتلوننا في الجبهات حتى لا يكون هناك أي مبرر لهم للقتال في صف العدوان بدافع الحاجة المادية حتى استنفذنا كل المخزون النقدي وتم نقل المركز المالي إلى عدن. 

بالرغم من أن الإيرادات الرئيسية للدولة كانت بيد الطرف الآخر إلا أنه كان في إمكاننا الاستمرار في دفع المرتبات وتسديد النفقات التشغيلية لكل المحافظات بالاعتماد على ما تبقى من أرصدة البنك المركزي في الخارج وعلى العملة المطبوعة في روسيا والمقدرة بــ 600 مائة مليار ريال وعلى القروض لولا نقل المركز المالي إلى عدن.

ويعرف الجميع أن نقل المركز المالي إلى عدن لم يتم إلا بعد أن التزمت حكومة الفنادق للشعب وللأمم المتحدة ولصندوق النقد الدولي بدفع النفقات التشغيلية والمرتبات لكل المحافظات وفق كشوف عام 2014. 

وبعد أن نجحت دول العدوان في تمكين حكومة الفنادق من الإستحواذ على الموارد الرئيسية للدولة وعلى البنك المركزي وعلى العملة المطبوعة في روسيا “والمقدرة بـ600 مليار ريال” وعلى المساعدات والقروض فضلا عن الحصار الجائر والتدمير الممنهج للبنية التحتية بهدف حرمان اكثر من 70% من سكان اليمن من مقومات الحياة سعت في نفس الوقت بشكل علني إلى تفجير ما سمته بثورة الجياع ضد أنصار الله. 

بعد كل ذلك يأتي من يقول لك أنا ما لي دخل من العدوان ولا حكومة الفنادق وأريد مرتبي من أنصار الله, وعندما تقول له بكل أدب واحترام بأن ذلك أصبح خارج إمكانياتنا ومسئولياتنا تجده يغادر حالة الحياد والصمت السلبي و يتحول إلى جندي في صف العدوان. ومثل هذا السلوك الغير سوي يشجع دول العدوان على الاستمرار في حرمان الشعب اليمني من مقومات الحياة لوضعهم أمام خيارين إما الموت جوعا أو الموت قتلا فيما بينهم. وينطبق على أصحاب هذا السلوك قول الله سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ).

لكن لو أن الشعب تصرف بوعي بصرف النظر عن الانتماءات السياسية واعتبر اقتصاد البلد خطا أحمر ووجه غضبه ونقده ضد الطرف الذي لا يحرص على الحفاظ على مقومات حياة الناس أو بالأحرى ضد من يتعمد حرمان الشعب منها لما تجرأت دول العدوان وحكومة الفنادق على استهداف معيشة الناس واستخدامها كسلاح ضد خصومهم. 

لقد تقدمنا بمقترح لتحييد الاقتصاد عبر تكليف لجنة وطنية مستقلة تشرف على تحصيل الإيرادات من مختلف المحافظات وتوريدها إلى فروع البنك المركزي ومنع استخدامها في المجهود الحربي لأي طرف وتخصيصها لدعم أسعار المواد الغذائية ودفع المرتبات وتغطية النفقات التشغيلية للقطاعات الحيوية, ولكن دول العدوان وحكومة الفنادق رفضت هذا المقترح بشدة. 

أما بخصوص انخفاض أسعار الريال فإن السبب الوحيد هو استحواذ حكومة الفنادق على الـ600 مليار ريال المطبوعة في روسيا وقيامها بطباعة عملة جديدة في الصين ومن ثم قيام مسئوليها ببيع تلك الأموال في السوق مقابل العملة الصعبة بهدف توريدها إلى حساباتهم في الخارج. ولولا ذلك لارتفع سعر الريال مقابل العملات الأجنبية بسبب ضعف القدرة الشرائية للشعب نتيجة عدم توفر المرتبات مع ثبات معدل دخول العملة الصعبة إلى اليمن عن بيع النفط وتحويلات المغتربين هذا فضلا عن ارتفاع معدل دخول العملة الصعبة لتغطية تكاليف الصراع في اليمن.

نستشف مما سبق أن الحل الوحيد لقضية المرتبات يكمن في تحرك الشعب ضد الطرف الذي يتعمد حرمانه من مقومات الحياة واستخدام ذلك كسلاح لمواجهة خصومه, وهذا كافي لإرغام دول العدوان وحلفائها في الداخل على القبول بتحييد الإقتصاد ومنع طرفي الصراع من استخدام موارد الدولة في المجهود الحربي. 

ونحن نقبل بهذا الحل رغم أنه من حقنا استخدام موارد الدولة لأننا من يواجه العدوان الخارجي ومن يحمي سيادة واستقلال اليمن.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com